ارتحل عن دنيانا الأديب الكبير محمد العيد الخطراوي، ابن المدينة المباركة، منبع العلم والثقافة ومصنع الرجال، بعد أن قدم للأدب الكثير والكثير، وقد عرفته من برنامجه شاعر من أرض عبقر، عبر إذاعة الرياض قديما، حيث تحدث عن العبقرية ونشأتها، ودلالاتها اللغوية، فجعل أبناء هذا الوطن من الشعراء العباقرة، فكان البرنامج مقسما على حلقات، في كل حلقة يبحر بنا مع شاعر، متنقلا بين فنونه وإنجازاته الأدبية، فيسير بك إلى عالم من عوالم الخيال ليسبر أغوار هذا الشاعر ومكنوناته، ثم يحلل تحليل ناقد واع لبعض شعره، حقا لقد أمتعنا عبر برنامجه كثيرا، فخدم الأدب السعودي بصفة خاصة، وكنت سألتقي به قبل وفاته بأيام لأخذ بعض المعلومات المواكبة لعصره، ولكن القدر كان أسرع، وحينما تقرأ في كتب هذا الجهبذ، تجد المتعة والبساطة في أسلوبه وطرحه الأخاذ لكي لا يمل القارئ أو ينصرف عنه، وهذا هو أسلوب المعلم والمربي وقل من تجد ذلك، فسلوتنا في الراحل أنه رفد المكتبة العربية بعدد من المراجع في الأدب والنقد، بل في علم الفرائض أيضا، ولكن ما يستهويني هو كتاب شعراء من أرض عبقر في جزءين، رحم الله الخطراوي إنه متميز بذكاء متقد، اقتفى أثر المجيدين من الأدباء والشعراء الذين عاصروا حركة التجديد والتطور في الأدب السعودي، وعدته ملكة ذوقية، لا تعرف التكلف والحشو، إنها قراءة ممعنة جادة في مختلف المعارف والعلوم قيمها وحديثها، وما ذاك إلا عن نفس متوثبة، وقريحة صافية، ورؤية أديب مطبوع، خاض غمار تطور الأدب والنقد في البلاد العربية، فجعل له بصمة خاصة بين أولئك الأدباء، رحم الله الأديب الشاعر والناقد المتميز، وجعل كل ما رفد به المكتبات العربية من العلم الذي ينتفع به.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز
* عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز